تشخيص الانسداد الرئوي المزمن

يعّد مرض الانسداد الرئوي المزمن من أمراض الرئة التي قد تستمر مدى الحياة، والذي يتسبب في انسداد تدفق الهواء من الرئتين، وتشمل الأعراض صعوبة التنفس والسعال والبلغم، ويتطور في العادة من تفاقم مرضين من أمراض الرئة، وهما مرض التهاب الشعب الهوائية المزمن ومرض انتفاخ الرئة، فقد يكون المريض مصاب بأحد هذين المرضين أو كلاهما.^[١][٢]

تشخيص الانسداد الرئوي المزمن

يمكن تشخيص مرض الانسداد الرئوي المزمن بعدة خطوات ومن خلال إجراء عدة فحوصات، يبدأ التشخيص بالسؤال عن التاريخ الصحي للمريض وعن الأعراض التي تظهر عليه، وعن إذا ما كان تعرض لغبار أو مواد كيميائية معينة، بالإضافة إلى إجراء عدة اختبارات جسدية وتنفسية، ويعد اختبار قياس التنفس من أهم هذه الفحوصات وأكثرها استخداماً، وسنتحدث في هذا المقال عن جميع الفحوصات والاختبارات التي يمكن إجراؤها لتشخيص مرض الانسداد الرئوي المزمن.^[٣]

التاريخ الصحي والعائلي

بدايةً يسأل الطبيب المريض عن الأعراض التي يشعر بها، إذ يعاني المصاب بالانسداد الرئوي المزمن في العادة من ضيق التنفس، وإنتاج كميات كبيرة من البلغم، بالإضافة إلى السعال المزمن والمستمر، وقد يسبق ذلك نقص في تدفق الهواء إلى الرئة، والذي قد لا يشعر بعض الأشخاص به في بداية الأمر، وذلك لأنه يتطور ببطء على مدى عدة سنوات، كما يسأل الطبيب عن ما إذا كان المريض يدخن في الوقت الحالي أو في أي وقت سابق من حياته، بالإضافة إلى سؤاله عما إذا قد تعرض للتدخين السلبي، أو الهواء الملوث، أو المواد الكيميائية، أو الغبار، وأخيرًا قد يسأل الطبيب أيضاً عن وجود أفراد من العائلة مصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن.^[٤][٥]

قياس التنفس

يعتبر قياس التنفس (بالإنجليزية: Spirometer) من الاختبارات الشائعة التي تستخدم لتقييم وظيفة الرئتين، ويقوم مبدأ عمله على قياس كمية الهواء الذي يدخل إلى الرئة وكذلك كمية الهواء الذي يخرج من الرئة والسرعة التي خرج بها هذا الهواء، ويستخدم هذا الفحص في تشخيص العديد من الأمراض الرئوية بما فيها مرض الانسداد الرئوي المزمن، كما يمكن استخدامه لمراقب الرئة على نحو مستمر لدى المرضى المصابين بأمراض رئوية مزمنة، كما أنه يمكن أن يكشف هذ الفحص عن الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن قبل ظهور الأعراض على المريض.^[٦][٧]

ويعتمد مبدأ عمل هذا الفحص على تنفس المريض في أنبوب متصل بجهاز يسمى مقياس التنفس، إذ يأخذ المريض نفساً عميقاً، ثم يخرج هذا النفس بأقصى قوة ممكنة في الأنبوب، وفي العادة يطلب الطبيب إعادة هذه العملية ثلاث مرات على الأقل للتأكد من أن النتائج متسقة نسبيًا، ويجب الانتباه إلى إغلاق الفم جيدًا حول الأنبوب أثناء الاختبار للتأكد من عدم خروج الهواء خارج الأنبوب، كما أنه في بعض الأحيان قد يحتاج الطبيب إلى إغلاق أنف المريض أيضاً أثناء الاختبار، وفي بعض الأحيان قد يعطي الطبيب المريض دواء موسع للقصبات ويطلب منه أن ينتظر لمدة 15 دقيقة ثم يعيد الاختبار، وذلك للمقارنة بين نتائج القياسين، ولمعرفة ما إذا كان موسع القصبات يحسن من تدفق الهواء لدى المريض.^[٦][٧]

تصوير الأشعة السينية الصدر

تعطي الأشعة السينية للطبيب صورة واضحة للصدر بما فيه القلب، والرئتين، والأوعية الدموية، وتساعد هذه الصورة على تأكيد الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، إذ أنها تقيم أعراض ضيق التنفس والسعال المزمن، كما أنه يمكن استخدامها لتحديد ما إذا كان المريض يعاني من أي أمراض أو مشاكل أخرى تسبب أعراض تشبه أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن، ومن الجدير بالذكر أن صورة الأشعة السينية للرئة تظهر أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن فقط في الحالات المتقدمة والشديدة، ولكنها قد تُظهر بعض العلامات الأخرى التي تشير إلى مرض الانسداد الرئوي المزمن، مثل: تضخم الرئتين، أو وجود فقاعات من الهواء، أو تسطح الحجاب الحاجز.^[٨][٩]

تحاليل الدم

تساعد تحاليل الدم على تأكيد تشخيص الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، إذ تُظهر هذه التحاليل أي مشاكل أخرى يمكن أن تسبب أعراض تشبه أعراض الإصابة بالانسداد الرئوي المزمن، مثل: فقر الدم الناتج عن انخفاض مستوى الحديد في الجسم أو مرض كثرة كريات الدم الحمر، كما يمكن من خلال تحاليل الدم إجراء اختبار غازات الدم الشرياني لقياس كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم، فإذا كانت كمية الأكسجين في الدم قليلة فإن ذلك يدل على الإصابة بأحد الأمراض الرئوية بما فيها الانسداد الرئوي المزمن، كما يمكن أن تشير تحاليل الدم إلى نقص في بروتين ألفا -1 أنتيتريبسين (بالإنجليزية: Alpha-1-antitrypsin) وهي طفرة جينية وراثية نادرة تزيد من احتمالية الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن.^[٨][١٠]

اختبارات أخرى

هناك عدة فحوصات أخرى يمكن الاستعانة بها في حالات محددة لتأكيد الإصابة بالانسداد الرئوي المزمن، ونذكر من هذه الاختبارات ما يلي:^[١٠][٩]

• التصوير المقطعي المحوسب للصدر: إذ يساعد هذا الفحص على تأكيد تشخيص مرض الانسداد الرئوي المزمن، كما أنه يحدد مدى تفاقم المرض، وما إذا كان هناك أي مشاكل أخرى في الرئتين، ويستخدم في بعض الأحيان لقياس مدى سوء مرض انتفاخ الرئة، كما أنه يعتبر أدق من الأشعة السينية لتشخيص مرض انتفاخ الرئة في مراحله المبكرة.
• مخطط كهربية القلب: يقيس هذا الفحص النشاط الكهربائي للقلب.
• مخطط صدى القلب: يفحص هذا الاختبار القلب باستخدام الموجات فوق الصوتية.
• اختبار عينة من البلغم: لاستبعاد الإصابة بالتهاب أو عدوى في الصدر.
• اختبار ذروة التدفق: يستخدم هذا الفحص للتفريق بين مرض الانسداد الرئوي المزمن ومرض الربو، إذ يقيس هذا الفحص السرعة التي يمكن للمريض فيها إخراج الهواء من الرئتين.

ما هي المراحل الأربع لمرض الانسداد الرئوي المزمن؟

نذكر فيما يأتي المراحل الأربعة لمرض الانسداد الرئوي المزمن:^[١١]

• المرحلة الأولى: وهي مرض الانسداد الرئوي المزمن الخفيف، وفي هذه المرحلة تكون الأعراض بسيطة وقد لا يلاحظها المريض، مثل: ضيق في التنفس عند بذل مجهود وسعال مستمر إما جافًا وإما مصحوبًا بمخاط.
• المرحلة الثانية: وهي مرض الانسداد الرئوي المزمن المتوسط، ومن الأعراض التي تظهر هذه المرحلة سعال مستمر مصحوب بمخاط قد يكون أسوأ في الصباح، وضيق في التنفس، وصفير في الصدر عند بذل المجهود.
• المرحلة الثالثة: مرض الانسداد الرئوي المزمن الشديد، وفي في هذه المرحلة تسوء الأعراض بشكل كبير، بالإضافة إلى الأعراض السابقة قد تظهر أعراض جديدة مثل: التهابات متكررة في الجهاز التنفسي، وتورم في الكاحلين، والقدمين، والساقين، وصعوبة في أخذ نفس عميق.
• المرحلة الرابعة: مرض الانسداد الرئوي المزمن الشديد جدًا، إذ تتفاقم في هذه المرحلة الأعراض التي ظهرت في المرحلة السابقة، وقد يحدث نوبات قاتلة في بعض الأحيان.